النّجمة السداسية، نجمة كنعان / نجمة الحِكمة؛ رمز التّخصيب و الإيلاج السماوي - الأرضي!
النجمة السداسية الذي يعود زمن استخدامه للدّلالة على عملية التخصيب هذه إلى زمن أقدم بآلاف السنين من ظهور اليهود على مسرح التاريخ و من ثم تبنيهم له كرمز لدولة إسرائيل مع نشؤ الحركة الصهيونية لاحقاً في أوروبا في القرن الثامن عشر 18 الميلادي عوضاً عن رمز الشمعدان اليهودي (شجرة الأنوار البابلية / مهرجان النّور / أنوار شجرة عيد الميلاد). و أصل هذه النجمة معروف لدى التّاريخيين و المُختَصِّين بالآثار على أنّه يعود أصلاً إلى الحضارة السّومريّة، فقد عُثِرَ على لوح طيني سومري عمره أكثر من ستة 6 آلاف عام يحمل نقشها بوضوح (النّقش موجود حالياً بمتحف برلين في ألمانيا) لكن يسود الإعتقاد بأنه كان يرمز عندهم إلى علوم السّحر و الفلك و إلى كواكب المجموعة الشمسيّة التي تُحيط بالكوكب الضّائع (كوكب نيبور)، هذه العلوم اللتي أصبحت محظورة على عامّة الناس في المرحلة التي تلت تلك الحضارات و الدّيانات الوثنيّة في زمن نشؤ و تكون الأديان الشرق أوسطية خاصةً الدّيانتين اليهوديّة و المسيحيّة. لكن من أقدم ما وصَلَ إلينا من الديانات الوثنيّة لهذه الحضارات القديمة التي أتت بعد الحضارة السّومريّة، أي عند البابليين و الآشوريين و الأموريين / العموريين و الكنعانيين أنّ هذه النّجمة
1. ختم بابلي تظهر به نجمة عشتار يعود لمُنتصف الألفية الثانية ق.م.
7. عملة من عهد صلاح الدين الأيوبي تُظهِر على الوجهين النجمة السداسية
بيني وبين عروة
..سافرت بعيد نحو الشمس حتى الاقيها مع دفئ الشروق لامعة وهاجة لا تبيح الظلام
النجمة الخماسية تاريخ ومعتقدات
يرجع تاريخ النجمة
الحماسية الى حوالي 3500 سنة ق م ((اي فترة ال uruk اي
(أور) في بلاد ما بين النهرين القديمة حيث تم العثور على هذا الرمز جنبا إلى جنب
مع علامات أخرى للفترة المرتبطة التطورات في أقرب وقت معروف من اللغة المكتوبة
تم الكشف عن النجمة
الخماسية في كهوف بابل القديمة وكانوا يعتقدون أنها حين ذاك ترمز لكوكب الزهرة في
السماء.
وظلت شعبية الشعار قائمة
من خلال العديد من الثقافات وبين الفترات الزمنية المتعاقبة، ففي اليونان القديمة
كان يسمى Pentalpha. Pythagorians الذي اعتبرته رمزا من الكمال أو رمزا للإنسان كما نشهد بعضها
في رسومات(( ليوناردو دافينشي))
.:: الفيثاغورسيون
كانوا يعتبرون هذا الرمز ذروة الاتقان الهندسي وكانوا يرون فيه المدخل الى
(تاتاروس)وهو الصورة الاولية للجحيم في خيالهم.
اما رياضيا فإنها تحقق
النسبة الذهبية AB = BA', BE' = A'D
EB/BA' = BA'/DB' =
DB'/B'C' = 1.618033989
الاستخدامات والمعاني
أول الديانات التي يظن
انها تبنت هذا الرمز هي ال (ويكا) حيث اعتبروا ان النجمة الخماسية ترمز الى خمسة
عناصر مكونة للطبيعة وهي (( الأرض ، الهواء ، الماء ، النار ، والروح))
الأرض : ويمثلها انخفاض
اليد اليسرى للنجمة ، ويرمز إلى الاستقرار والأمن الجسدي والتحمل.
النار : ويمثلها انخفاض
اليد اليمنى للنجمة ، وتدل على الشجاعة والجرأة
المياه : ويمثلها اليد
اليمنى العليا للنجمة، وترمز الى العواطف والحدس
الهواء : ويمثل اليد
اليسرى العليا للنجمة ،وترمز الى الخبرات والفنون
الروح : يمثل النقطة
القصوى للنجمة ،وترمز الى الذات الإلهية
في العصور القديمة
الوثنية، توضع النجمة الخماسية مقلوبة لجذب طاقة الروح في الجسد، فعند اليهود كانت
ترمز الى خمس كتب، أي اسفار موسى المقدسة ((التوراة)) هذا
وتفيدنا الرّوايات التّاريخيّة أنّه قبل ميلاد السّيّد المسيح كان النّبي سليمان
يرتدي خاتم النّجمة الخماسيّة المكتوب عليه: " سبحان من ألجم الجنّ بكلمته ",
ليسيطر على الجان ويتحكّم بالشّياطين ودعيت ب (خاتم سليمان) الا ان خاتم سليمان او
نجمة سليمان هي سداسية (hexagram) وان كانت تستخدم
بالتوازي مع ال pentagram أنظر موضوعه النجمة السداسية في المدونة (اضغط هنا)
بينما
كانت النّجمة الخماسيّة, تعتبر في بداية العصور الوسطى رمزا يُمثّل النّشاط
والقدرة الشّيطانيّة...
...
أمّا في الشّرق, فتمثّل النّجمة الخماسيّة, الكفر
والظّلم والهلاك الأبدي الرّوحي والعنزة وتُمثّل التّهديد...
والإسلام اتّخذها رمزا لتعاكس الخير والشّرّ...
وتسمّى نجمة الصّباح والليل, وأيضا نجمة النّصر أو الموت...
كما تُعتبر النّجمة الخماسيّة المقلوبة, وفيها رأس
ماعز, رمزا لموسيقى الميتال الأسود, وهو نوع من الموسيقى, ينشقّ من الميتال الذي
يدعو إلى الرّفض والتّغيير... ومن المعروف أن جزء كبيرا من أغاني هذا النّوع تدعو
إلى عبادة الشّيطان, المتمثّل بهذه النّجمة المقلوبة...
ومنهم من اعتبرها من رموز أهل بيت النّبوّة... وهي
مرسومة في حرز شرف الشّمس... ومنهم من رأى فيها أنّها ترمز لأركان الإسلام الخمسة
في حال كان لونها خضراء... ومنهم من رأى فيها رمزا للبسملة...
وفي وقت مبكر عند
المسيحيين كانت ترمز هذه النجمة الى جروح المسيح الخمسة وهي: (جرحان في
المعصمين جرحان في الكاحلين والطعنة في الخاصرة)
وقد استخدم الامبراطور
قسطنطين الأول النجمة الخماسية كختم حيث اعتبر انها (رمز الحقيقة)، وذلك بعد
الحصول على مساعدة من الكنيسة المسيحية من الناحية العسكرية والدينية للاستيلاء
على الإمبراطورية الرومانية في 312 ميلادي.
أما في أسطورة
السير Gawain والفارس الاخضر ،فان النجمة الخماسية كانت منقوشة من الذهب
على درعه العظيم والتي ترمز الى خمسة خيلاء الفضائل في ذاك الوقت: الكرم ،
المجاملة ، العفة ، الشهامة, والتقوى.
وقد كانت النجمة الخماسية
تستخدم كشعار من شعارات النبالة في انكلترا، ويمكن مشاهدة أمثلة عليها على شواهد
القبور في Claustro de lavagem في الدير في تومار ، البرتغال ، ودير Ravna ،
وبلغاريا ، وكنيسة جميع القديسين في Kilham ، Humberside ، يوركشاير ،
انجلترا
علاقة النجمة الخماسية
بالسحر
ان علاقة النجمة الخماسية
بالسحر طويلة جدا، اذكر منها انها كانت تستخدم في الطقوس والشعائر من قبل السحرة ،
فاذا كانت النجمة داخل دائرة فهي تمثل مكانا" مقدسا" حيث تسيطر فيه
(الروح) على العناصر الارضية الاربعة وتستخدم للحماية من السحر، واذا وضعت مقلوبة
فهي تمثل حالة من الدرجة الثانية من الرتبة التقليدية في بعض المجموعات من السحر
اما في العصور الوسطى،
فكانت ترمز للجنة تقصي الحقائق والتي كانت غايتها الحماية ضد الشياطين والسحرة
باعتبارها رمزا للحماية والإيجابية. وقد كانت تستخدم للحماية الشخصية من الشر (مثل
العين الزرقاء) وتوضع لحراسة الابواب والنوافذ لكي تبعد الشرور.
اذا وضعت النجمة الخماسية
على نقطة واحدة صعودا فإنها ترمز للصيف ؛ ومع نقطتين تصاعدي، كانت علامة لفصل
الشتاء.
النجمة الخماسية وعبدة
الشيطان
في عام 1966 اسست كنيسة
الشيطان في سان فرانسيسكو ولكن النجمة الخماسية لم تكن رمزا" لهم الا في عام
1983 حيث قام انطوان لافي(مؤسس كنيسة الشيطان) باعتناق هذا الشعار رمزا" لهم
وهو النجمة الخماسية مقلوبة وداخلها رأس العنزة اي الشيطان (بافوميت).
من هو (بافوميت): هو
شيطان اسطوري يعتبر تجسيد للخمول وقد اعتقد القدماء انه يلهم الناس بالكثير من
الافكار التي تشغلهم ويغريهم بالتكاسل عن العمل والصلاة ويذكر اسمه على انه المشكك
هادم (التوافق) ويذكر (لافي) بكتابه "مفتاح الالغاز العظمى" هذه هي
الماعز التي ستهاجم السماوات مع الابواق التي ستضم الشعب اليها.
حارتنا الجميلة
في حارتنا الجميلة، كان يضيق بنا الزقاق عند
انكسار الضوء بمقدار قبلة قبيل قرنة علية الحاج نمر المصلح رحمه الله، هناك .. حيث
كانت تغّفو الصغيرات على صوت هدهدة الجدات المخملي، ونصحو نحن الصبية على دعوات
الأمهات ممزوجة بصوت هديل الحمام المرقط والعصافير البلدية! هناك كُنّا نلعب تحت سقف
السماء .. نطارد الفراش، ونتخذ من الغيمات المارة فوق حارتنا أراجيح محبة معلقة بالنجوم،
ونرفع أيدينا الصغيرة على المدى نُتضرع إلى الله أن يمطرنا كرات وبنانير مزركشة
نلعب بها ذات مساء.
كنا نتوسد العتبة العالية لبيت الحجة فضة، ونفترش
بسطتها في ساحة الفرح الربيعي، نلعب لعبة "اليحيا" الغميضة، بينما تقفز
البنات كالشنانير في لعبة "الحجلة" فنَمْلأُ الدُّنيا هوَىً وتغاريد عشق
بريء، نصوغ فيه من أحلامنا لحن ناي، وأهازيج ميجانا، نذريها للريح كمواويل
العتابا، حفنة حفنة على شبابيك الحارة الخشبية.
في كل مساء، تغرق حارتنا القديمة في رقة أصواتنا نزقزق لهواً ينساب مع انحناء الشمس عصرا على أهداب عيون الصغيرات يمشطن حرير أحلامهن بأنامل براءة الأطفال وطهر الزنابق ويطرزن فساتين فرح لرفيقة كبرت فجأة لتصير عروسا، فيتحلقن في ليلة صار قمرها بدرا يعانق قباب البيوت الحجرية المتلاصقة كالنون مقلوبة في صحيفة عتيقة.
في حارتنا الصغيرة كنا ننام تحت سقف السماء
ونلتحف الندى لنصحو مع بواكير تشرين فنفرح بمواكب الرجال وهم ينسلون فجرا للصلاة،
تصدح حناجرهم بالتهليل مختلطا بصياح ديكنا الوحيد، والأقرب من كل ديوك الحارة إلى
المسجد الكبير.
نستقبل بلهفة غامرة كلهفة الأرض للمطرة الأولى،
أول أيام موسم الزيتون، فالجار على حماره يتبعه أبنه البكر بالسلم الخشبي الطويل،
الأم الحامل على رأسها سلة القش (الجونه) فيها مما يسر الله وجاد، تجر أصغرهم
ويلحقها ثلاث تدرجوا في الطول يتسابقون مع الحمار، تعلو ضحكاتهم أخر الزقاق.
قبيل أن ينتهي الكبار من قطف زيتونة واحدة نبدأ كالقطط بالمواء، ونعلن
بحياء أننا جعنا، يقول الحاج: بعد أن ننتهي من الزيتونة الثانية ونفرش للثالثة،
يكون الفطور، نتعجب لصبرهم، ونسترق لقيمات، حتى إذا إذ حان موعد الفطور، تحلقنا
جلوس القرفصاء، حول صينية القش الملونة تتخاطف أيدينا الصغيرة ما لذ وطاب، تسقط ذرة
تراب وسط صحن اللبن وننظر في بعضنا باحثين عن الفاعل، بينما يرمقنا الحاج بنظرة لا
تخلو من عتاب، يكبر اللون البني في نقطة ارتكاز البياض وما تلبث حتى تغرفها أمي
بلقمة متوسطة الحجم، لتنهي بذلك حالة الإرباك الذي خيم على المكان، نستدير بعيدا
نحو "قرطلة" فيها مما تبقى من
عنب خليلي من اليوم الفائت، بينما يقوم أخي الأوسط يبحث عن آخر حبة تين على الشجرة
كانت قد نجت بأعجوبة فبقيت على قيد الانتظار حتى أخر الموسم، هناك ينصب فخا تحتها
عله يصيد طيرا من الوهم.
أولاد عمكم لا نسمع لهم صوتا، يقول الحاج، محاولا إقناعنا بتقليل كمية
الضجيج الذي كنا نفتعله، بينما "صلاة النبي" تشق الفضاء الرحب وهي تخرج
من فم عمي الحاج محمد آمين، لم يعلم رحمه الله أنه زرع في قلوبنا غابات فرح، وأن الحاجة
فريدة تلك المرأة الرقيقة في مظهرها، الصلبة في نشاطها كالرجال وأكثر، كانت قد
تركت في فم كل منا لعاب يسيل كلما تذكرنا صينية المجدرة التي كنا نجتمع عليها في
واد السحايل، تلك القطعة من القلب التي تركها الأخوين لتبقى حلقة وصل بينهما حتى
الوفاة، فقد كانت أرض الواد شراكة.
هل ثمة أحدا أخبر الجار على السفح المقابل
لتعميرة المغارة، أننا حتى اليوم ما زلنا نتساءل: كيف جعل الشمس تشرق في كفيه، بينما تستطيع أن ترصد لمعان قرص
الزعتر يقطر زيتا وهو يبتسم على ذراعه
اليوم، أتذكر حلقات الدبكة في خلة الشرقية،
عنفوان الشباب السمر، وفرح اليعقوب يلوح بمحرمة مطرزة باسم الله، رائحة الحناء،
عرق السحيجة، وغبار تطاير في سماء المكان ليلا، فضحه شريط الكهرباء الطويل الذي
لف الحفلة بمصابيح تعلقت متتالية بألوان
خضراء صفرا حمراء وبعضها غارق في البياض، تماما كما الياسمين، لا يعترف الضوء إلا بهذا الشيخ الجليل..
أتذكر طاسة الرعبة المزدانة بآيات من كتاب الله
لا تتقنها إلا الحاجة صديقة، فكانت لها فعل الطبيبة الماهرة عندما يعز الأطباء في
علاج ولد سقط من علِ.
أتذكر لمة الجارات تحت الدالية يرتشفن شاي العصر، لا تأبه أي منهن بالوقت، ونسترق السمع لحديثهن ونحن نتعارك حولهن، فنلتقط كلمات لا نفهمها عن الدورة التي تأخرت والحمل الكاذب، كن يتركّن لنا كامل الحرية في مطاردة الفراش، لم يكن ذلك ممنوعا في تلك .الأيام
أين انتهى المطاف بحارتنا الحبيبة؟ أين ذهبت بيتوها الحجرية، اين الشقوق التي كان يزينها "القديح" من لوث ملامحها الجميلة بمكعبات الإسمنت الثقيلة، من سرق وجهها الملائكي وقص جدائلها الطويلة، أين العبهرة العظيمة والنخلة اليتيمة الباسقة في صحن دار محمود أبو زر عليه رحمة ربي وصلوات.
أتذكرك اليوم يا حارتنا الجميلة، وأفتقد تلك
الوجوه البريئة، والأنفاس الطيبة التي كانت تعطر المكان، رغم أنها لم تعد تلك
الحارة التي كبرنا في أزقتها، لقد غادرتها أرواحا ما زالت ترفرف في سمائها، فإن
غابت وغابوا، فهي باقية في الذاكرة الجمعية لنا أفرادا وجماعات، نروي حكايتها جيلا
بعد جيل، لتبقى حية في قلوبنا وعقولنا بلا أقنعة مزركشة، وحياة افتراضية خادعة. "فمن يملك
حكاية الأرض يرث أرض
الحكاية"
مهما كبرنا تظل أحلامنا صغيرة، وليتنا ما زلنا
صغارا كما كُنّا، لتبقى حارتنا كما نتمنى دائما أن تكون!!
الليلة
الليلة.... وأنا أقلب صوري، رمادية صفراء برتقالية خمرية خاوية مثل دمي، مرهقة ظلالي، تطاردني فأحتضن مرايا السراب، وأسقط مغشيا عليها في المنام.الليلة.... إذ جّن الليل مشعلا وقود ثورتي تحت أضلعي، ولحنا اسطوريا تدندن له أطراف أطرافي قهقهات غجرية مجنونة يتراقص عليها بعض الثملين عشاق الوجع المحسوب الآهات والايقاع الوتري، بيني وبين صوري، وبين مرايا الجدل السرمدي تتبارى أسئلة مشرعة على أبوابها أشباح تعبث بالهزيع وبضع ثوان من سويعات تعانقتُ فيها مع بعض أقداري ونصف قمر أرضي ملموس ...الليلة.... أعني الليلة.... توشي بالهذيان .. تحاور أقداري مرة، ومرة تناجي أٌقماري وتعبث بأوراق الحظ وتنزع عني أقنعة الغربة وخفايا وحشة شاردة من برد مونتريال لدفي القلب المولع بالنكبات، لا شيء أتقنه في هذي اللحظات غير التقلب لإرضاء ليلي وصوري بين صفائح ماء مختبيء انزاعات تجادل غثياني...الليلة.... عشق مجنون النظرات، رأتني متصلا مشغولا في التدوين، قليلة هي الليالي التي تدفعني بهمهمات الرغبة أن أدون نفسي، أو تدونني !!! وتنثر من حبر الجرح في ثنايا السطور معاني...الليلة.... أراود نفسي، وأظنها لوحة سماوية زرقاء تتمايل بين مرايا الروح .. تقلب صفحات الغيب تبحث عن ذات الصلصال، تتحسس الضلع الناقص من قفصي الصدري ألاول، وتحاور أنثى مشبعة بالتفاصيل فتقرء فيها اختزالات اللحياة ، وطلاسم انحناءات المرايا
الآن تطلق بعض الآهات
الليلة.... تعتادني في تمرد الحرف على مدونتي، وتنثر على متصفحي علامات التعجب والنساء الحيارى، والتاءهات في ظلال الحرف خطاف كما المرايا تمتص الضوء والعبق الأنثوي في كؤوس السكارى بلا خمر أو نبيذ، لأسطر لعاشقات بلا أحضان ولا ذكريات تجتاح العذارى في ردهات البراءة باللغتين العربية والعربية، هنا.. أعني الليلة، أكّون الكلام وابتز بعنفوان النزعة صدر اللغة الأم، وأحنو على جدائلها الصحرواية صفراء كاللآليء، أغازلها لتقطر في فميِِ بعض المعاني.
شعب بلا شعر ، شعب مهزوم
درويش...هكذا انت..فارسا حتى في رحيلك..هل كان لا بد ان تطير حيا او حيا كما علمتنا..فقلت ان نكون او نكون ... فلماذا حملت مفرشك فامتطيت
صهوة القصيدة وتركت قميصك مسرودة من حديد التحدي والكبرياء..
هكذا تطل علينا مضرجا برموزك و كنوزك ..بعذابك وعذوبتك.. بخيط الجرح المكابر.. و ترمم بعضا من خرائب الروح فينا و تسدل على ذاكرة النسيان ستائر الذكرى .
لمذا تصر ان تكون حتى برحيلك شاعرا استثنائي .. وانت من
قال:
سدوا علي النور في زنزانة
فتوهجت في القلب شمس مشاعلي
الست القائل:
هل خر مهرك يا صلاح الدين... هل هوت البيارق ؟
هل صار سيفك.. صار مارق ؟
فلماذا لحقت بصلاح الدين اليوم وتركتنا اموات بعدك
وللارض قصيده:
"في شهر آذار، في سنة الإنتفاضة، قالت لنا الأرضُ أسرارها الدموية. في شهر آذار
مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس بنات. وقفن على باب مدرسة إبتدائية، واشتعلن
مع الورد والزعتر البلديّ. افتتحن نشيد التراب. دخلن العناق النهائي – آذار
يأتي إلى الأرض من باطن الأرض يأتي، ومن رقصة الفتيات – البنفسج مال قليلاً
ليعبر صوت البنات. العصافيرُ مدّت مناقيرها في اتّجاه النشيد وقلبي.
أنا الأرض
والأرض أنت
خديجةُ! لا تغلقي الباب
لا تدخلي في الغياب
سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
سنطردهم من هواء الجليل".
و لمن تركت (( بطاقة هويتك ))
(( وعابرون في طريق عابر )) و ( سنة أخرى ) الخ ....
هل صحيح :" أن الحياة تصبح أقل جدارة بأن تعاش إذا خلت من الشعر".
علمت انك تودعنا عندما لعبت النرد..كنت اقوى من قلبك وانت ترمي بالزهر على الطاوله وكان وريدك ينزف وانت تصر على الانتصار على خصمك ورفيق عمرك ..ذلك الفتى الصغير..ابن بروة عكا محمود درويش...اذا لماذا تركته هناك في البروه وحملت جسك الى هيوستون.
الكثيرون من قبلي ومن بعدي علمهم درويش حب الشعر و حب التحدي و حب الحياة فهو إحدى قلاعنا الشعرية
و هو كما بيروت كان وسيبقى" خيمتنا الأخيرة.... نجمتنا الأخيرة " منذ ان " تركت الحصان وحيدا" ترجلت يا درويش " إن الفرح العظيم و الحزن العظيم وحدهما يصنعان شعرا..." وكعادتك المعهودة و المحمودة تستنفر كل طاقتك التعبيرية فتمزج اللغة بالرمز و التاريخ و الأسطورة و الغنائية و الملحمية بكل ثقة و اقتدار.. فإذا القصيدة سفر في سفر التاريخ غابرا و حاضرا و في ثنائية الموت و الحياة.. و العدم و الوجود.. و الفناء و الخلود يسطر درويش لحنا ابديا.
هكذا كصديقك المتنبي و المعري الذي يطرد نقاده من قصيدته.. و من البعيد تفوح رائحة الخبز "فمازال تنور أمك مشتعلا و التحية ساخنة كالرغيف" وقد كنت مع الموت في غاية الدماثة و اللطف.. تحاوره حوارا هادئا طالبا منه التمهل ريثما تنهي قراءة "طرفة بن العبد" فهل انهيته.. وانت تتلو كل وصاياك وتلملم أدواتك الشخصية متسائلا عن أحوال المناخ هناك في الأبدية البيضاء........ و طبيعة اللغة السائدة أهي دارجة أم فصحى..؟ لقد طلبت منه عدم الغدر و استغلال
نقطة الضعف.. محذرا إياه من التدخل في شؤون قصيدتك.. إلى أن تقول : هزمتك يا موت الفنون جميعها".
هكذا اذن تالفت وتحالفت مع الموت..من دون أن يخاف أحدكما الآخر..فبينكما "إمتاع ومؤانسة"وبكل بساطة حددت يا درويش مساحة المكان التي ستشغلها ..لكنه ثعلب هذا
الحليف...خطفك منا. واخذ "المتر و75سنتمترا" من مساحتك التي اختزلتها ..فكانك اردت خداعه..لكنه الموت يا سيدي.
حصان درويش تماما _كما حصان مالك بن الريب وعنترة_ يحك بحافر الشهوات أوعية الصدى.
وليس اقل روعة من حصان انكيدو وهو السجان الابن المكلف بحماية المدينة من نشيده إذا..لقد حاولت مجابهة الموت..ورايتك تلوذ في قصيدتك بالرمز والأسطورة
والتاريخ ككل الشعراء ولكنك لست الوحيد...فأوزوريس هو من أعظم آلهة المصريين القدماء قتل ورمي في النيل ثم بعث بفضل زوجته إيزيس..فأصبح رمز القيامة لكل حي. وكلكامش في الملحمة البابلية يبحث عن سر الخلود.. وانكيدو البطل الأسطوري..رافق كلكامش وشاركه في مغامراته ..وامرؤ القيس_مجنون ليلى_قابيل_أيوب....
أشهد أنني عشت ومت وعشت مع الوحيد في البياض.. وتعذبت مع القصيدة _حتى أمسكت ببعض خيوطها وخطوطها_لكنه العذاب اللذيذ الجميل..... إذا صح التعبير.
"رأيت المعري يطرد نقاده من قصيدته" أرجو ألا يطردني محمود درويش من قصائده فلست ناقدا بل أنا قارئ صعلوق أتسكع على قارعة الكلام... أستجدي من الشعر كشحاذ بعضا من خبز الروح وظلال الكلام. لقد تجرات عليك يا سيد الشعر..جبانا انا بعد رحيلك... لا شعر بعد الان..
محمود درويش عاد "لاعب النرد" وبكل جدارة قبض على جمرة الشعر العربي ...وهو يجترح معجزته الخالدة .
الحد
سلاما بين حرفين
اسلم عليك سلاما كما الندى او رذاذا تساقط على برعم قبل الشروق بمقدار بسمة وليد لا يعرف الا البكاء.
سلاما وحرقة حرمان تعطش للاقحوان وشوق لرائحة الياسمين تفوح عند اقترابك شرقا على
زاوية قلبي اليمنى، او نحو الجنوب قرابة فرسخين بمقياس ظلي.
سلاما بلا قبلات وعطر وورد
لان السلام اقوى من السيف في غمده
سلاما اطهر من الثغر الصغير وعذرية الزهرة في الشرنقه
2- وحيدا
وحيدا اعيش..لا شئ يكسر صمت المكان غير حشرجة شباك شبه مخلوع،
ودخان سيجارتي التي اقتربت ان تفقد حتى قدرتها على الاحتراق.
انوء بنفسي بعيدا عن اشيائي...تطاردني قهوتي، وتجتر قسرا من شفتي رشفة... فتشربني
بعيد عناق عقارب ساعتي الصدئه.. تنطفئ في الليل شموعي..ينام الظل عند قدماي.
ويعانق الفينيق روحي ويغرد...ثم انعكاسات على تضاريس قلبي.. وانار عيوني بعيد النوم ان جاء
وصلاة جارتنا الحجه..تتارجح في وحي سمائي....كدت ان اغفو..تطاردني اللحظات
اصحو.. تنقض علي جذوري...
تتلاشى اوراقي في حبيبات الماضي السحيق.
تماما كالمسافة بين طلقتين يضيع حنيني
3- كلمات
لا شئ يدغدغ تلابيب قلبي سوى عذب الكلمات
وانا لا اتقن من اللغات الا القليل
اصابع يد واحده
وهي لا تصفق
كم من الكلمات ساحمل في الذاكرة المثقله
وكم من المعاني استنبطها انا
كم حرف تكسر فوق شفاهي
وكم نقطة سقطت سهوا
كم مرة مزقت اوراقي والقيتها مهمله
كم كلمة انتحرت عند الفراق
كم كلمه انتحرت او جاءت ميتة
هل تولد الكلمات كالانسان
ام كالورد تولد عاشقه
في البدء كانـت الكلمه
كان الفعل
قال الله
كن
فكنا
وانا كنت وما زلت سجينا
بين حرفين وشده
تضغط الكاف علي
اتأوه
ايها الجارية كفي عن حبل مشنقتي
وتضاريس وجودي
انني ارقد كاصغر برعم في حديقة جدي ووجدي
وهناك تتراءى لي الدنيا
وانام
بين حرفين ودمعه
انا
كنت
وما زلت
وسابقى
حتى القيامة
شمعه
فاذا شئت احرقيني
واصهريني
واضيئ للحالمين الطريق
ربما لا تجمعنا اقدارنا
ولكني صديق
.
.
.
4- مقارنة يا فلسطين
سافرت الى جهات الارض الاربعه
بحثت عن شئ جميل اقارنه بك
اعلم انك الاجمل بلا منازع
ولكني..
ساقرنك بالبحر... وستكوني اكرم
ساقارنك بالنخل وستكوني اطهر
ساقارنك بالنساء ..ستكوني اجمل
ساقارنك بالربيع.. وستكوني احلى وانعم
واخير ساقارنك بروحي
فلا اجد فارقا بينكما
"يهودا والسامرة" فلسطينية
في اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي انعقد بتاريخ 26 مايو، وبحضور كامل أعضائه الخمسة عشر بحث موضوع نية إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية، وقد أدان عملية الضم أربعة عشر عضوا وبقيت الولايات المتحدة وحدها في مواجهة العالم.
ولما أتيح المجال لطرفي النزاع بتقديم دفاعهما أمام المجلس وقد بدأ وزير الخارجية الفلسطيني "رياض المالكي" تقديم أدلته، تلاه "داني دانون" سفير إسرائيل في الأمم المتحدة لدى مجلس الأمن "إذا قررت إسرائيل توسيع سيادتها فستنفذ في مناطق تحتفظ فيها دائما بمطالبات مشروعة وتاريخية وقانونية".
برر عدم قانونية طلب منظمة التحرير الفلسطينية كونها لم تكن في يوم من الأيام سلطة حاكمة للأراضي المحتلة عام 1967، وهذا مبرر طالما ساقه الإسرائيليون مدعين أنهم سيطروا على الأراضي وانتزعوها من الأردن وهي من يجب مفاوضتها، لكنهم عادوا بالطلب، وفاوضوا المنظمة، واعترفوا بتمثيلها للشعب الفلسطيني، ووقعوا معها اتفاقيات أوسلو.
عودة السفير الإسرائيلي لطرح هذه القضية أرادت الحكومة الإسرائيلية من خلالها العودة بالتاريخ لما قبل تاريخ توقيع هذه الاتفاقية. لكن هذا ليس موضوعنا في هذا المقال.
موضوعنا يتعلق بالشق التاريخي الذي فصّله السفير الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي وحاول من خلاله تبرير مشروعية الضم، فقد نفى "قانونا" وجود الشعب الفلسطيني ممثلا بـمنظمة التحرير الفلسطينية بشكل كامل وهذا فيه تناقض صارخ، أما الشق التاريخي فقد قال بالحرف:" إن العالم لا يحق له أن يتدخل في حق الشعب اليهودي في فرض سيادته على أرضه، أرض الآباء والأجداد، هذه الأرض الذي منحها الله لشعب إسرائيل منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام لإبراهيم -عليه السلام-، وتلى على مجلس الأمن النص التوراتي الوارد في سفر التكوين الإصحاح 17 العدد 8 " "وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك، كل أرض كنعان ملكا أبديا. وأكون إلههم ]التكوين": 17 :8[
حاول دانون كما حاول أسلافه تزوير الحقائق، بل جعلوا من الله سبحانه (سمسار عقارات)، يوزع قطع أراض على الناس، فيأخذ منه هذا ويعطي ذاك، تعالى الله عما يصفون.
وهم بذلك يرفضون مسمى الضم أصلا، بل يقولون بفرض السيادة؛ لأن الضم تعني السيطرة على أرض غيرهم، والضفة الغربية " يهودا والسامرة" هي جزء من أرض إسرائيل حسب العقيدة اليهودية.
لكن التوراة نفسها وإبراهيم- عليه السلام- بأقواله وأفعاله يشيران بشكل لا مجال فيه للشك أن العدد أعلاه من سفر التكوين قد تعرض لتحريف واضح من قبل معتقديه، فهم كما قال عنهم القرآن الكريم: " مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ" ]النساء : 46[
ويتجلى التحريف عندما عاد إبراهيم من أرض غربته في مصر إلى أرض غربته في فلسطين، ورغم تكرار وعد الله- تعالى - بإعطائه أرض كنعان، مرة أخرى في العدد " فصعد أبرام من مصر ... إلى الجنوب" ؛ " لأن جميع الأرض التي أنت ترى لك أعطيها ولنسلك إلى الأبد" ويتابع "فنقل "أبرام "خيامه وأتى وأقام عند بلوطات ممرا التي في حبرون، وبنى هناك مذبحا للرب" . ]التكوين:12-15- 18 [
وتحديدا في مدينة الخليل الفلسطينية (حبرون) التي تحمل اسمه إلى يومنا هذا، فلما وصلها تقول التوراة: إن أميرها أو ملكها الفلسطيني "أَبِا مَالِك" أَوْصَى جَمِيعَ الشَّعْبِ قَائِلاً: «الَّذِي يَمَسُّ هذَا الرَّجُلَ أَوِ امْرَأَتَهُ مَوْتًا يَمُوتُ ":العدد 7 من الإصحاح 26»"
لقد حماه الملك، كونه غريبا لاجئا فأجاره "أبو مالك" كما هي عادة العرب منذ آلاف السنين،
ومن النص أعلاه لا يستطيع اليهود إنكار وجود الفلسطينيين في هذه الأرض، بل وملكيتهم لها، فإبراهيم لم يأت على أرض خالية، بل جاء على شعب يعيش على أرضه، مكونا حضارة عريقة محكوم بنظام سياسي متين يقوم على القيم، والأخلاق الإنسانية، والتي تجلت بنظام عقوبة صارم لمن يعتدي على الغريب المستضعف، فالذي يعتدي على إبراهيم في قانون الملك الحثي (موتا يموت).
لكن لا يمر سوى أعداد قليلة من نفس الإصحاح حتى ينسى الذين قاموا بتحريف الأعداد السابقة، فتفضحهم التوراة نفسها فنقرأ مرة أخرى بعد ادعائهم أن الله-تعالى- أعطى أرض كنعان لإبراهيم، وأن هذه الأرض ليست أرضه، وهو ما زال غريبا فيها " وتغرب إبراهيم في أرض الفلسطينيين أياما كثيرة" ]الإصحاح 34:11 [
بل أكثر من ذلك، فالتوارة تثبت تحريفهم بالدليل القاطع، فتروي قصة وفاة " سارة" بعد سنوات من إقامة إبراهيم بين الفلسطينيين الذين أحسنوا مثواه، فيأتي للملك الفلسطيني ويقول: "أنا غريب ونزيل عندكم. أعطوني ملك قبر معكم لأدفن ميتي من أمامي"، وهنا يعترف إبراهيم أنه لا يملك مترين مربعين أو مساحة قبر في أرض فلسطين ليدفن زوجته فيها. ]الإصحاح 23 العدد4[
هنا، يتمثل الكرم الفلسطيني بأجمل صوره، ولنا أن نفهم مصدر كرم أهل الخليل إلى يومنا هذا، يختار إبراهيم مغارة في بستان تسمى حسب النص "مغارة المكفيلة" ويعرض شراءها من صاحبها من بني حث، ويطلب وساطة الملك في إقناع المالك ببيعها له، فيقول في العدد 8 -15 :"والتمسوا لي من عفرون بن صوح "9:" أن يعطيني مغارة المكفيلة التي له، والتي هي في طرف حقله. بثمن كامل، يعطيني إياها في وسطكم ملك قبر". [1]
ويعرض إبراهيم دفع أربعمئة شيقل فضة على عفرون ثمن المغارة، فيرد عفرون في العدد 15 بالقول: "يا سيدي، اسمعني. أرض بأربعمئة شاقل فضة، ما هي بيني وبينك ؟ فادفن ميتك".
وهذا دليل أخر على زيف ادعائهم، فكيف يشتري إبراهيم أرضا هي له من الله؟!! وهو دليل ثابت إلى يومنا هذا، فإذا كانت أرض "يهودا والسامرة" لكم، لماذا تستميتون على شرائها، وتستخدمون كل أساليب التزوير والتلفيق لامتلاكها؟؟[2]
لم تقتصر عمليات الشراء على إبراهيم -عليه السلام-، بل إن حفيده يعقوب، بعد أن عاد من العراق موطنهم الأصلي تزوج من" لئيا" و"راحل" بنتي خاله، وأنجب منهما عشرة أولاد ليعود مرة أخرى لغربة جده، انظر "فقام يعقوب وحمل أولاده ونساءه على الجمال... 18 ليجيء إلى إسحاق أبيه إلى أرض كنعان" ]الاصحاح 30 عدد 17[
وكمهاجر جديد مع قرابة خمسة عشر نفرا من زوجاته ونسائه الأربع، ؟؟وربما ماشيته وجماله، فقد رأى أنه لا بد أن يمتلك مكانا يأويه وعائلته ، فيفاوض "بني حمور" "أبي شكيم" على البستان الذي تقع فيه مغارة "المكفيلة " نفسها والتي أصبحت مقبرة لأبيه "إسحاق" وأمه "رفقة"، وجده "إبراهيم" وجدته "سارة"
فهذا هو الإصحاح يؤرخ عملية البيع، بدقة فيقول: "وابتاع قطعة الحقل التي نصب فيها خيمته من يد بمئة قسيطة" ]الإصحاح 33 عدد 19[
مرة أخرى لم نجد يعقوب -عليه السلام -يجادل في ملكية الأرض وأنه من نسل إبراهيم وهي موعودة لهم، بل دفع ثمنها، وحتى ذلك اليوم وإلى يومنا هذا فإن إبراهيم وحفيده يعقوب لا يملكان في فلسطين سوى مغارة ثمنها أربعمئة شيقل كنعاني وهي عملة فلسطينية أصيلة، بالإضافة إلى قطعة أرض تحيط بتلك المغارة ثمنها مئة قسيطة فقط لا غير.[3]
لقد حاول الصهاينة تجنيد عدد من (الأغيار) لدعمهم فيما ذهبوا إليه من ادعاء باطل في ملكية فلسطين، ففي القرن الماضي جندوا وزير خارجية بريطانيا بلفور ووعده المشؤوم، بمنح أرض فلسطين ليقيموا عليها وطنا قوميا لليهود، وجندوا في هذا القرن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ليجدد هذا الوعد، فمنحهم القدس عاصمة لكيانهم الزائف، وحقهم في ضم مايرونه مناسباً من أراضي الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967، فإذا كان بلفور ومن بعده ترامب يعشقان الصهاينة إلى هذا الحد، لماذا لم يمنحا اليهود أرضا في بريطانيا، أو أمريكا المترامية الأطراف؛ليقيموا عليها دولتهم، وليطلقوا عليها ما يحلو لهم من الأسماء، أما فلسطين فلن تكون إلا فلسطين، وتزوير اسمها وملكيتها لن يفلح أبدا، وهي باقية بقاء الدهر، وهم وزبانيتهم إلى زوال.
وهكذا، وعلى قاعدة من فمك أدينك، أقول مطمئنا : لماذا قبلتم بتقسيم الحرم الإبراهيمي إذا كان لكم وحدكم وأنتم نسله الذي أعطاهم هذه الأرض؟ الحقيقة التي لا تدع مجالا للشك، أنكم لستم سوى شذاذ آفاق، وليس لكم صلة، أو علاقة بإبراهيم –عليه السلام - ولا بنسله ، تهودتم في القرن الثامن في بلاد الخزر، وجئتم غزاة على هذه الأرض، ولأنكم غرباء عنها حتى في لون البشرة ناهيك عن الثقافة والتراث، ستخرجون منها مدحورين كما كل الغزاة ولتبق فلسطين للفلسطينيين أرض كرم وجود وعطاء، باسطة ذراعيها لكل الأخيار والمؤمنين بقداستها، وصدق الله- تعالى- إذ قال: "مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ" [آل عمران : 67-68]
[2] الشيكل الكنعاني: او شيقل يشير إلى الوزن اي (ثقل) وهي جذر لغوي عربي (شِقُّل)، وقد وردت في شعرالنابغة الشيباني:
كأن في مزنه بلقاً مشهرة ً …................. بِيضَ الوجوهِ وفي آذانِها شَقَلُ
ويرتبط بجذر (تـ قـ ل) في الآرامية، لـ”ثقيل“ العربية
وكان الشقل يعتمد يعتمد على وزن الشعير، حيث كان حوالي 180 شيكلا من الحبوب يمثل 11 غراما أو 0.35 أوقية الفضة، وقد كان الشيكل مشتركا بين الشعوب السامية خصوصاً في بلاد الرافدين كشعب بابل وآشور وكذلك: الموآبيين، والأدوميين والفينيقيين.
أمريكا ..الـزانيـة العـظيمـة
لكن هناك تركيز في رؤيا يوحنا اللاهوتي على الولايات المتحدة كقوة عظمى، فلنقرأ معا النص:
نترك ذلك لرأي القارئ الكريم، فالرؤى تحتمل التأويل، والنصوص المبهمة كهذه، قد تجد لها تفسيرات مختلفة، ولكني أوردها هنا للأمانة العلمية، ولا يعني أنني اتبناها أو أرفضها، بل هي كذلك كأفكاري نفسها وتفسيراتي اللاحقة في هذا البحث، أوكد هنا أنها تحتمل الخطأ، فأقدمها على الصواب، وما هو إلا اجتهاد مني لا أفرضه على أحد.
(50: 41) "هو ذا شعب مقبل من الشمال وأمة عظيمة ويوقظ ملوك كثيرون من اقاصي الارض". إنها قوة عظمى تأتي من أقاصي الأرض وليست وحيدة، تشاركها دول كثيرة، لقد جاءت الولايات المتحدة (من أقاصي الأرض) ومعها تحالف دولي وصل عدده إلى 38 دولة، وهدف الحرب قتل الرئيس صدام حسين_رحمه الله _ واغتيال علماء العراق، بالإضافة إلى قتل أكثر من مليون وثلاثمائة ألف عراقي، وتشريد أكثر من ثلاثة ملايين مواطن في حرب حملت اسم (عاصفة الصحراء) هكذا قال الرب هأنذا اوقظ على بابل و على الساكنين في وسط القائمين علي "ريحا مهلكة". (51: 1)
أما الفترة الزمنية (زمانا، وزمانين، ونصف زمان) فهي ثلاث سنوات ونصف؛ أي اثنان وأربعون شهرا كما في دانيال؛ أي 1260 يوما، أو 1260 سنة بلغة اليوم (تم الإشارة إليها في بحث سابق بعنوان: نتنياهو آخر ملوك إسرائيل).
فبعد أن أخضعت بريطانيا العظمى الأرض لقوتها وسلطانها، تراجع سلطانها وانحسرت قوتها، وقامت بتسليم السلطان للوحش العظيم (أمريكا)، وهذا واضح في العدد 4 من نفس الإصحاح، إذ يقول: (وسجدوا للتنين الذي أعطى السلطان للوحش، وسجدوا للوحش قائلين: من هو مثل الوحش؟ من يستطيع أن يحاربه)
وفي سفر دانيال كذلك، ولكن هذه المرة من الإصحاح السابع، يتحدث عن الوحش العظيم، فنجده يقول: "7 بعد هذا كنت أرى في رؤى الليل وإذا بحيوان رابع هائل وقوي وشديد جدا وله أسنان من حديد كبيرة. أكل وسحق وداس الباقي برجليه. وكان مخالفا لكل الحيوانات الذين قبله وله عشرة قرون.
وتحمل هذه الدولة او القوة العظمى صفات هي:
"رفع ملاكٌ واحدٌ قويٌ حجراً كرحى عظيمة ورماه في البحر قائلاً: هكذا بدفْعٍ سترمى بابل المدينة العظيمة ولن توجد فيما بعد".
ويضيف: "لأن تجارك كانوا عظماء الأرض إذ بسحرك ضلت جميع الأمم وفيها وجد دم (أتباع) أنبياء وقديسين وجميع من قتل على الأرض".
عند هذه اللحظة يقع العقاب الإلهي: تهلل الشعوب(المؤمنة)، ومن في السماء (الملائكة) يهللون لعدالة السماء قائلين:
"المجد والكرامة والقدرة للرب إلهنا، لأن أحكامه حق وعادلة، إذ قد دان الزانية العظيمة التي أفسدت الأرض برزنها، وانتقم لدم عبيده من يدها".
أما الطائر النجس والممقوت فهو إشارة واضحة للقوة العسكرية الأمريكية بطائراتها الحربية وصواريخها الفتاكة، "من خمر غضب زناها قد شرب جميع الأمم وملوك الأرض زنوا معها"؛ أي التي أذاقت غضبها وويلاتها شعوب الأرض في أفغانستان، والعراق، وفلسطين، وليبيا واليابان، وكل شعوب الأرض، وكان ذلك مباشرة أو بوساطة ملوك الأرض الذين زنوا معها، أولئك الذين فعلوا بشعوبهم مثل فعلها وبدعم وتأييد مباشرين منها، كما هو الحال في طواغيت العالم العربي وغيرهم من الملوك في العالم.
إذن فالعقاب الرباني يأتي بسبب ظلمها للعباد، وسفكها لدماء الأبرياء وعلى شكل إعصار بحري شديد، وهذا العذاب يعيدنا إلى ما وقع على عاد الأولى: "وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى القَوْمَ فِيْهَا صَرْعَى كَأَنَّهمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ" (الحاقة: 6-8)
العجيب في النبوءات أنها تربط بشكل لا ريب فيه بين انهيار الوحش العظيم وسقوط الوحش الصغير، فالصيحة، أو كما يطلق عليها الكتاب هتاف الانتصار، تصيب الطرفين في آن واحد، أو سقوط الوحشين الكبير يتلوه الصغير، يقول أشعياء: "استيقظي، استيقظي البسي عزك يا صهيون (أي يا فلسطين) البسي ثياب فخرك يا أورشليم يا مدينة القدس فإنه لا يعود يدخلك أقلف ولا نجس، انفضي الغبار عنكِ قومي اجلسي يا أورشليم حُلَّت قيود عنقك أيتها الأسيرة".