أسئلة مراهقة

في ذكرى استشهاد القائد البطل محمد غالب شقير
( أبو غالب)
ألوذ من قيظ الأعمدة الرمادية إلى فيء العينين اللوزيتين قبيل الحصاد في الموسم الجديد.
ستذكر فسائل التين الصغيرة ظلال الأسطر الأولى لابنة الجيران على شرفة للمساء الشهيد.
صدى الأغنيات على عتبات الياسمين الندي تستفز الأسئلة المراهقة في ربيع الأزمنة .
تلك قافية التعري اللغوي على شطآن البحيرات التي كانت يوما في الشمال
ها أنت تقترفين الحب بمحض أرادات الرمال، دون وعي لخرائط جغرافيا النوارس على موانئ الذكرى التي أعدت على طبق فاخر من الشهوات.
برتقالية الحداثة الثورية لزرقاء اليمامة وهي تعوذ من شر النخيل العربي يعتصر نهدي صحراء النقب في مخدع توسد اللغات السامية الأولى ونام على فخذي العربية العجوز في تعب.
كم مرة أقفلتِ درب القمح في قدمي البيادر العذرية وقضمتِ مذراة العصافير على طبق من صفيح الذكريات وتركتني وصغيرات القبرة في العش على براعم للجميزة اليتيمة في حاكورة جدي النبيذ وكفرتِ بالحًصرم المتمرد على سادة العنب.
أنت ِفي حضرة الغياب دلاعين الحداء الفلسطيني ونشيد العتابا والميجنا وقمباز القصب.
الآن تهتز البراعم راعشات، ويباغتني صوت المثلث والطريق، لا تبعد الجداول عن حقول التين المرقط بالحليب وبعض أشعار العرب.
لا تستبق عبق القوافي ،
وأهازيج الرجال وخريف الأغنيات،
إيقاع ترتيب الفصول،
صوت المؤذن للصلاة،
وابتهالات التراب،
أنين مملكة الشجيرات الصغيرة وأرتال الصرار،
أو ما يسمونه في علم تبويب الشعوب " تسونامي البحار"، أو لربما " علم تشريح الصخور"
قد جئت أحمل قيد عرجوني القديم، هو لن يعود كما الماء المقدس في الطهور. الفجر أرخى قدماه العاريتان في النهر المسافح ، وجاء يكرز في صدى الأغوار ، يردد أبريل التمرد لطيّونِ الجبال، واهتزازات سروات ثلاثة قرب مدرسة البنات، تغازل صدر تلات البلابل على سفح بخاصرة في الجليل.
تشرين يطرق بوابة حاجز الفولاذ وبراد القلوب المهربة في صالونات الفندق الشرقي لمدائن العلب الليلية والخبز المنمق بالذهول.
نحن!! من نحن حتى نسمي الأفيون ثورة، ورياض أطفال الحجارة وزارات وسادة،هل سيادة!! وأروقة البرلمان المؤقت دور للعبادة، وردهات المجلس النيابي تضاء بفوانيس الغاز المؤدلج والملون بالأغلبية الحمقاء كمواخير الدعارة. خضراء حمراء صفراء، ويفر قادة المليون كالدجاج المصاب بأنفلونزا الطيور، ويشنون هجوما فضائيا في لحيظات تراخي النافثات فسفورها الأبيض ما بين غارة وغارة.
قد كنتَ جملة بدائية لدفقة الأحرف الأولى على عتبات هذا اللحن للفجر البعيد.
وصرت علامة ثكلى تجمّع ذراعها حول اهتزازات المسلك اللغويّ بين الرعب والارهاب في تراب البساتين التي جفت على شواطئ الأحزان ورياح السموم للأسمنت السياسي وثوار الحديد.
تلك أنشودة أخرى فلا تعزف ولا تمشي على حدودها بحذائك الوطنيّ محتفياً بما تركت لي من وحدة المعنى في غرف تطل على المساءات الكبيرة دون بلاغة الأشعار توقد صوتها في ذلك الوجع الشريد.
أنتَ للصبر الذي هيجته بندائك البرجوازيّ في كل الشعاب النازحات عن التلال الخُضر وأحلام الهضاب
وأنتَ للقارب يدنو من شوطئنا ثمّ يقلق فيك احلام الغياب
وتمضيان يقاذف صوتك الميناء المقطع عن بحيرات صبّار الحرائق ولا تحيد.
أنت للألوان والألوان لي،
أنت للسفر المعدّ من الصدور العاريات
أنت وما جنت يداك من الوعود، في وطن جديد
أي صديقي!! كيف بي لا أتذكر الأيام !! وكنت بداية الأحلام بي، كنت كالغصن المهيّأ للصلاة، كانت الأغصان ترمقني وكان لي فرح وست رمانات وأسرار وبئر ، والآن يعلو صمتنا فوق الحساسين الشريدة
لا يفسرنا سوى أن التشابه في المرايا كاذبٌ والبحر ليس ازرق كما قال العبيد، البحر رمادي المذاق، وملحه تجاعيد السماء، مثل أشعار المجرات البليدة.
طهرتني الذكريات من الأماني، أرتمي اليوم داخل أشعاري وأصرخ، والذي كان حقيقيا صار شيئاً مستحيل
أجمع العتمة على ساعدي المكسور وأجري في زقاق الكلمات، فتفر الأغنيات، وتنتحر المعاني.
يا صديقي، لما سافرت ولم تـأخذ عيوني، لم يبق في عمر النرجس والحنّون غير بعض البتلات، في الجلجل الآهات تنبت كالتواريخ العتيقة، والزنابق التي كانت في مساءات الانتفاضة الأولى شرخات صغيرة، صارت اليوم بنادق، والعصي أزهرت، اينعت على النهر باقات زنابق وغدا تشرق شمسك ويرتفع الصهيل.
والذي غادرنا في عمر الزهور، ركب النجم وطار
كل قبر فيه مني دمعتان
والعيون اختارت الجسر الوحيد إلى البلادِ
وعانقني أفق قرمزي إلى رمز المكان.
لا الخلّة الشرقية غطّاها الربيع
ولا استعاد الوطن صيغتهُ الأولى
ولا أضاءت حبيبتي أصابعها،
فيبست كالزهر الذي مرت عليه نحلة عطشى وتجاهلته،
وحين جئتُ اناغش الذكرى،
رأيت رسمك في القتام،
سمعت انّات الجبال
أصغيت للهمس يراود الليل عن بعض اللجين
فلم تخرج من تعاويذ الكلام.
يا محمد ... يا صديقي،
اليوم أقرؤك السلام
الزاوية، الأحد 06/09/2009