لوحني : سيسولوجيا الألون والدهان

لي فجر وفنجان قهوة أرتشفه قبيل النوم...في تلك اللحظات من سكون الليل القابع في أعماقي، إرتميت بين أحضان الذكرى أبعثر حروفي

أفرغت كل أقلامي النازفات على صحيفة قلبي، بحثت عن ورقة صغيرة عذراء وقلم لم تعانقه أناملي الغضة من قبل.

وأنأ أتهادى في العتمة باحثا عن سرير الهذيان في مخدع روحي
كانت شموعي دامعة تنوح مرتجفة،.....لمعت أمام ناظري وريقة لم يلوثها مداد الشهوة بعد.
وقفت أدغدغ خيالي هنيهات، ماذا عساي أن أفعل اللحظة؟
هل أعريها وأصب عليها جام حبري من كل الألوان التي تعشعش في دماغي منذ مئات السنين.
هل أشق وجهها اللامع برأس قلمي المدبب كسكين؟؟....ام أبقي على القداسة في معبد عشقي الحزين
هل أبحث في قبو القلب عن دهان وأحمل ريشتي، أو أصابعي...فأرسم وجهي الذي لم أره بعد.

أتمسمر أمام لوحتي البيضاء وأحدد بالرسم مشاعري وجنون اللحظة القمرية في فاه العتمة الداكنة
وأفرغ كل أحاسيسي بداخلي....كما لوكنتُ مقبرة للمجون...ومعتوها يتقن فن التشبه بالعقلاء.
أمسكت بسبابتي اليمنى، وضغطت على إبهامي وأخذت نفسا عميقا كفنان تربع على عرش السراب الازلي.
فارتجفت يداي وهي تحفر اصابعها في خاصرة روحي...وتغرز في عيون الامل شوكتين اثنتين.


ولم أعد قادرا على دمج الألوان...فتركت اللوحة عذراء
إلا من قبلة تشبه توقيعي ...وركنتها في زاوية قلبي اليمنى على بعد ريشة من سريري.

رويدا رويدا.....تراءت لي السماء بنجومها، وارتسم على جبيني قمر وقد اكتمل رجولة وبهاء وعاد الضياء يداعب وجهي المقتظ بعلامات الترقيم.
وددت لو كان مسموحا أن أعرض اللوحة هاهنا ...كما هي، بدون رتوش.لم أدرك حتى اللحظة كيف تحجب الصفحات البيضاء أحيانا كثيرة...وتعرض الهرطقات كما أكياس الطحين في مخازن الوكالة، وتنتشر على مرامي الصحراء سواد الحروف في إمارات الظلام ....ويشنق الحب بأسواق النخاسة والكرامة العربية.
بحثت في كل قواميس اللغة عن معنى "للانهيار" وكيف يصير الحس الإنساني نموذج كبت وحصار ....كيف تضمحل الفوارق اللغوية، فتصبح المقاومة " ارهابا" والإحتلال " تحريرا"
اعترف الآن ...الآن اعرف، لماذا تعانق أحاسيس اللوحة الجفاء..وكيف فقدتُ الأمل في ظل كان يحدوني ...وحياء كان يعاتبني
حاولت أن أداعب الذاكرة الغضة فيها ومعها لعلي أجد تفسيرا لكنه الأشياء
تنفست الصعداء.... عميقا تنفستها وأغمضت عيناي كما لو كانت قد اشتهتني لوحتي العذراء
فجاءتني بمشاعر مبعثره وتلاطمت في الزحام، سقطت على لوحتي أكوام حروف
العين فوق الياء فوق اللام، مقلوبة في آخر السطر نقطة فضية وحرف علة خزامي الطلعة مسبوق بعطف مبني على المجهول في شبة جملية اسمية غير معرفة بألف....همزة وصل أواخرها تجر ألفا من حطام الكلام...قالت احبك سيد العشق...واغرورقت صحيفتها في الظلام.
أدهشني المنظر، والصورة كانت بألف حرف ....والصوت كان حطام.....تقطعت اوتار قيثارتي الرابعة بعد العشرين قبل انتصاف الليل بقبلتين اثنتين، دققت النظر أكثر ..وغصت في ثنايا الخافق بصدري.
تعرجت منحنيا..مطأطيء الرأس قليلا حتى لا أهشم سقف الذاكرة، وملت مع تضاريس روحي، أحاذر سراديب لم أعتدها من قبل.....تبدّى لي نور في العمق بعيد....تقدمت قليلا خائفا من ألم الانزلاق ، فقد أسقط في بئر من الخفافيش وتنهشني أفاعي القتام، تعاظم في عيني الضوء...وضوحا أرى ألان ..انها هي بدون دهان:
بحر وموج له نفس خفقات قلبي
الآن أشعر بالأمان
أشرقت الشمس وازرورقت في عيوني السماء، صافية جميلة ..وعانقتني في حياء
وضعت ريشتي ( إصبعي..سبابتي) تركت إبهامي وانشرحت يدي، فردت أصابعي الخمسة.... خمسة اخرى حتى أصفق...كان اصبعي الحادي عشر يعانق اللوحة منهمكا في الظلال
قلبتها وقبلتُ راحتي....آه
الحمد لله ، الآن فقط
أستطيع أن أنام
أطفأت شمعتي الحبيبة
وأوصدت نافذتي
حضنت وسادتي
وأغلقت الستار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارحب بردودكم