فلسطين ليست قضيتي!!


بقلم: طارق موقدي[1]
تمهيد:
لست في وارد الرد على المطبعين، فقد سمعت ورأيت ردودا كثيرة وقاسية أحيانا، وهذا ما لا أرجوه، لأنه يحقق أمنية أعدائنا في تشتيت جهدنا وزرع الفتنة بيننا رغم علمي اليقيني أن تلك الاصوات النشاز لم يكونوا ليتجرؤوا بالشتم والقذف لأي شعب عربي وتحديدا الشعب الفلسطيني لو أن أولهم عوقب على فعلته " فمن أمن العقاب أساء الأدب"، وهنا أؤكد على ضرورة رفع دعاوى قضائية أمام محاكم تلك البلدان، ضد تلك الشرذمة التي تدعوا لقتل الفلسطينيين جهارا نهاراً ويدعون نتنياهو علانية لقتل الطفل قبل الشيخ، دون اتخاذ اي اجراءات رادعة بحقهم من قبل قضاء بلدانهم!!
لكننا لازلنا نراهن على الاغلبية الساحقة من أبناء الشعوب العربية الأصيلة من المحيط الى الخليج، وتحديدا في دول الخليج العربي ونتوسم فيهم خيرا كثيرا، فهم أحفاد عمر وأبا بكر وعلي وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، ورضي الله عن السابقين واللاحقين من التابعين وتابعي التابعين بإحسان إلى يوم الدين.
وأود هنا أن أقدم لهم حقائق تاريخية ودينية مهمة للرد على المغالطات والشائعات التي يبثها بعض النكرات ممن باعوا دينهم بدنياهم واستقووا على شعب مظلوم يعيش محنة الاحتلال الصهيوني الذي ارتكب المجازر والجرائم بحق الشعب الفلسطيني بل وبحق الانسانية جمعاء.
من هم الفلسطينيون!!
أولا: إن الفلسطينيين عرب أقحاح كنعانيين خرجوا من جزيرة العرب قبل أكثر من ستة آلاف عام، واستوطنوا الأرض التي حملت اسمهم لآلاف السنين، وقد تم رفدهم بالهجرات العربية لاحقا قبل الاسلام وبعده، فكانت بلادنا وجهة الهجرة من الصحابة والتابعين عملا بما صح عن رسولنا الكريم محمد ابن عبد الله " فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم" .
ولهذا لا تجد في فلسطين عائلة إلا وترد أصلها لصحابي جليل، أو تابعي مجاهد،  من بلدان العالمين العربي والاسلامي جاء إليها واستقر فيها، فعندنا المصري والمغربي واليمني والعمري والتميمي والحسيني وما إلى ذلك من عائلات يظهر نسبها في المسمى.
هذا فضلا عن قبائل وعشائر عربية تمتد في وجودها على طول فلسطين مرورا بالأردن والعراق وصولا إلى اليمن وبلاد نجد والحجاز.
هل باع الفلسطينيون أرضهم لليهود؟
قامت الدعاية الصهيونية على دعاية كاذبة وهي أن فلسطين (رض بلا شعب لشعب بلا أرض) لكن الحقيقة أن فلسطين كانت عامرة بسكانها بمدنها وقراها بمينائها ومطارها، بزيتونها وتينها، وببرتقالها الذي كان يصل الجهات الأربعة من الأرض.
لا بل أن الشعب الفلسطيني يحمل ثقافة عنوانها "الأرض أغلى من العرض" وهو عشق وانتماء لا يدركه غير الفلاحين المرتبطين بأرضهم وليسوا رحلا ينتقلون خلف ماشيتهم طلبا للكلأ والماء.، ذلك أن 80% من الشعب الفلسطيني هم فلاحون يزرعون ويحصدون، وأرضهم تدر لبنا وعسلا، فتحت عليها شهية الغزاة من اليهود، وقد أطلقوا عليها في كتبهم " الأرض الموعودة" ولكنهم لم ولن يذوقوا عسلها ولبنها، حتى يتحقق وعد الله (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا) فيبعث الله عليهم عبادا له "لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا"
"إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبًا، فلن أقبل، إن أبيع أرض فلسطين، فهي ليست ملكي إنما ملك للأمة الإسلامية" الكلمات السابقة كانت رسالة السلطان العثماني، عبدالحميد الثاني، لتيودور هرتزل مؤسس الصهيونية ، ردا على طلبه بشراء بفلسطين، لم يقل السلطان عبد الحميد أن "فلسطين ليست قضيتي"
فلو فرضنا جدلا أن بعض ضعيفي النفوس باع أرضه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لليهود، فهل يعني ذلك أن الشعب الفلسطيني كله قد باع فلسطين، وهل يحق لأي جماعة غريبة أن تشتري أرضا وتقيم عليها دولة خاصة بها؟ ولتعلموا أن اليهود لم يخرجوا من فلسطين خلال عقود من الشراء والتحايل إلا بنسبة 5.7% من مساحة فلسطين البالغة حوالي 27.000كم مربع.
ونؤكد هنا، إن أي بيع لأي ذرة تراب من فلسطين هو بيع باطل، ببساطة لأن أرض فلسطين كلها أرض وقفية إسلامية، ولا يحق لأحد بيعها حتى لو كان من أهلها، " فهل كان علينا كشعب فلسطيني أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى دمنا على أيدينا...لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن" تسأل شاعرنا محمود درويش، نعم نحن لسنا ملائكة، لكن غلب علينا الصلاح، وهو بأمر ربنا لا بأيدينا، فهو سبحانه يعدنا لنكون رأس الحربة كطائفة منصورة على أعداء البشرية جمعاء، فرباطنا أفضل الرباط كما ورد في الحديث الذي رواه ابن عباس إذ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " أَوَّلُ هَذَا الأَمْرِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ....إلى أن قال، ثُمَّ يَتَكادَمُونَ عَلَيْهِ تَكادُمَ الْحُمُرِ، فَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ، وَإِنَّ أَفْضَلَ جهادِكُمُ الرِّبَاطُ، وَإِنَّ أَفْضَلَ رباطكم عسقلان. رواه الطبراني في المعجم الكبير وصححه الألباني.
وفي حديث عن ابن حَوالة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيصير الأمرُ إلى أن تكونوا جُنوداً مُجَندَةً: جندٌ بالشام، وجندٌ باليمن، وجندٌ بالعراق» قال ابن حَوَالة: "خِرْ لي يا رسول الله! إن أدركتُ ذلك؟" فقال: «عليك بالشام؛ فإنها خيرةُ الله مِنْ أرضه، يَجْتَبِي إليها خِيرتَهُ من عباده. فأما إن أبيتم؛ فعليكم بيمنكم، واسقوا من غُدُركم؛ فإن الله توكل لي بالشام وأهله» [2]


استراتيجية فلسطين الجغرافية والديموغرافية:
نظرا لاستراتيجية موقعها الجغرافي، فهي تقع في اقصى قارة اسيا غربا، وترتبط بأفريقيا جنوبا ومنفتحة على أوروبا ببحرها المتوسط غربا، تعرضت هذه البقعة الصغيرة من الأرض لعشرات الغزوات قديما وحديثا، لكنها بقيت عصية على  الطامعين، فلم يعمر فيها غازي ولا محتل، لكن بعضا من هؤلاء الغزاة وعددا من المهاجرين إليها ممن بقي فيها وانصهر في بوتقة ثقافة هذا الشعب لغة وتاريخا وانتماء، وهذا قد ساهم في تشكيل فسيفسائي جميل، ففي فلسطين من الأقليات المئات، لكنها كلها متناغمة بخصوصيتها ومندمجة بطريقة غاية في الروعة، وهذا والله، لا يضير الشعب الفلسطيني ولا يطعن في عروبته، بل العكس تماما هو الصحيح، فهذه التعددية العرقية المتواضعة لم تؤثر على عروبة فلسطين بل جعلت منها مثالا إنسانيا يحتذى.
من هي الأرض المقدسة، وماذا تعني؟
 مثلما هي مكة المكرمة أرضا مقدسة فيها أول بيت وضع للناس، كذلك هي بيت المقدس فيها ثاني بيت وضع للناس، وقداسة كلا المدينتين هي أمر رباني لا دخل لنا نحن البشر فيه، ففي مكة بدأت الحياة البشرية على هذا الكوكب فهي بوابة السماء إلى الأرض فكان الهبوط إليها، وفي فلسطين تنتهي، فهي بنص الحديث الشريف أرض المحشر والمنشر، فالصعود منها، ولهذا كان معراجه عليه السلام من فوق صخرتها المقدسة تحديدا، لا من أي مكان آخر على الكرة الأرضية.
في مكة المكرمة  ظهرت رسالة الاسلام أولا ، وتظهر آخر خلافة على الأرض في بيت المقدس، ففيها ينزل المسيح ويقتل الدجال، وفيها تهزم جيوش الطاغوت وينتصر الحق ويقام العدل، فهي الأرض التي باركنا فيها للعالمين، هي ميزان الحق والباطل، فإذا أصابها ظلم وحكمها الأشرار، فاعلموا أن الشر قد عم الأرض كلها، وإذا انتصر فيها الحق فاعلم أن الحق والخير والعدل والبركة ستظهر على الناس كافة، وفي كل اصقاع المعمورة.
هي مهاجر الأخيار، فمثلما كانت المدينة مهاجر سيد الخلق، فقد كانت بيت المقدس مهاجر أباه وخليل الله ابراهيم عليه السلام.
ما هو المسجد الأقصى المبارك؟
هناك خلط ربما يكون متعمدا أو جهلا،  في ماهية المسجد الأقصى المبارك، وهنا لا بد من التوضيح، ففي حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام،  قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة. فإذا كان أول البشر وأبوهم على الأرض هو أدم عليه السلام وهو رسول من عند الله لبنيه، فقد بنى أول بيت للعبادة في مكة المكرمة، واحتاجت البشرية أربعون عاما لتتوسع في الأرض وتنتشر حتى اذا ابتعدوا كثيرا عن موطنهم الأول وأصبح من الصعب عليهم العودة للصلاة في البيت الحرم قاموا ببناء المسجد الثاني على الكرة الأرضية في بقعة مباركة على قمة جبل اسمه تل أموريا، تعتلي هذا التل صخرة مقدسة، تقول الأساطير الكنعانية أن الأموريين ولهم ينسب اسم التل، كانوا يقدسونها، ويعود ذلك لأكثر من سبعة آلاف عام قبل الميلاد، ويعتقد المؤرخون أنهم أول من استوطن المكان، تبعهم بعد الف سنة اليبوسيين وهم بطن من الكنعانيين فبنوا مدينة يبوس أي الاسم الأول لمدينة القدس. والتي حملت عبر التاريخ أكثر من عشرة أسماء معروفة.
بل أن مدينة أريحا الكنعانية يزيد عمرها عن عشرة آلاف عام، وهي بإجماع علما الأثار والمؤرخين أقدم مدينة في التاريخ البشري، وغني عن القول هنا، أننا عندما كنا نعيش في مدن تصلها مياه الشرب بانتظام كان بقية البشر، كل البشر يعيشون في الكهوف وفي الصحاري القاحلة، فلا يتطاولن على شعبنا أحد.
ومثلما هدمت الكعبة المشرفة اكثر من مرة في التاريخ البشري، وكان يبعث الله بنبي يعيد بنائها، فكذلك المسجد الأقصى، فقد هدم عدة مرات وأعيد بناؤه.
وكما أننا نعرف أن للكعبة المشرفة حدود معروفة تحيط بها تسمى بالحرم المكي، فالأقصى الشريف يقع على مساحة 144 دونم من الأرض محددة بسور قائم، وفيه عدة مباني كالمسجد القبلي والذي يعتقد كثيرا من الناس أنه المسجد الأقصى وهذا خطأ بالطبع يقع فيه البعض، ناهيك عن مسجد قبة الصخرة الذي بناه عبد الملك بن مروان فوق الصخرة التي عرج منها عليه السلام إلى السموات العلا، وكذلك هناك المصلى المرواني وعدد كبير من المساجد والمقامات  والمباني والآبار. ولكن من المهم الاشارة هنا أنه لا يوجد مبنى قائم كما الكعبة المشرفة يسمى بالمسجد الاقصى، بل أن كل ما هو داخل السور هو بقعة مقدسة وهي في مجموعها ما نطلق عليه بالمسجد الأقصى المبارك.
فعندما أسري بالرسول عليه السلام من الحرم المكي إلى الحرم القدسي ثم عاد فأخبر الناس أنه كان في بيت المقدس تلك الليلة، طلبوا منه أن يثبت ذلك بوصفه، لأن من بينهم كان تجار يعرفون المكان جيدا، فقال (فأصابني كرب لم أصب بمثله قط) ، أي أنهم سوف يتهمونه بالكذب، وكان كما نعلم قد أسري به ليلا، فيقول عليه الصلاة والسلام : فجلى الله لي بيت المقدس فصرت أنظر إليه وأصفه لهم باباً بابا وموضعاً موضعا.
ما هي حدود الأرض المقدسة وما هي حدود الأرض المباركة؟
هناك كثير من الخلط والتداخل بين المعنيين، لكن دعونا نبدأ بقول الله تعالى على لسان نبي الله موسى "يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ" معروف أن الله نجى موسى وقومه من فرعون وجنوده، وبعد التيه الذي ضرب عليهم أربعون عاما بنص القران جاء الأمر بالدخول من جهة الشرق، أي أنهم كانوا قبل الدخول فيما يعرف اليوم بالأردن فهم شرق نهر الأردن، أي أنهم في أرض خارج حدود الأرض التي كتب الله لهم أن يدخلوها، وليس كما يفسرها البعض، التي "كتب الله لكم" أي تصبح ملك لكم، فالله تعالى لا يعمل وكيل عقارات، ولا يوزع أراض على هذا القوم ويحرم غيرهم منها، فهو عدل لا يظلم أحدا، فقد كتب لهم بعلمه أن يدخلوا هذه الأرض، ولم يعطهم إياها.
لكن في الحديث الشريف أن الله حرمها على موسى نفسه، فلم يدخلها ولما اتاه الأجل: فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر قال أبو هريرة: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لو كنت ثم لأريتكم قبره، إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر ” رواه البخاري ومسلم. ويؤكد ذلك حديث الإسراء  وهو في طريقه إلى بيت المقدس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:-مررت على موسى ليلة أسرى بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره) رواه مسلم، فمكان دفن موسى خارج حدود الأرض المقدسة وعلى مرمى حجر منها، إذا فهي فالأرض المقدسة واضحة الحدود في الحديث أعلاه،  لكن تلك المنطقة  المحيطة ببيت المقدس أرض مباركة كذلك، فما هي حدود الأرض المباركة؟
في حديث أبي ذر – رضي الله عنه – قال: ( تذاكرنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل : أمسجد رسول الله أم بيت المقدس ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه ، ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا. قال : أو قال خير من الدنيا وما فيها ).أخرجه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه الألباني.
نتذكر هنا موسى عليه السلام الذي طلب من الله أن يدفن في مكان رمية بحجر من حدود بيت المقدس، فهذه الأرض، يقول عليه السلام أن مساحة منها بطول مترين (طول رسن الفرس) أذا امتلكها إنسان يستطيع من خلالها أن يرى بيت المقدس خير له من الدنيا وما وفيها، فــ "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" فبيت المقدس أرض مقدسة، وهي في نفس الوقت أرض مباركة هي ومن حولها. ولكن السؤال يبقى مشرعا، فكم هو حولها وأين هو حولها؟ إلى أي مدى تمتد بركتها؟ من الأحاديث النبوية الشريفة وهي أكثر من أن تحصى، فقد أجمع العلماء أن الأرض المباركة هي بلاد الشام كلها بما فيها فلسطين، أي هي الأردن ولبنان وسوريا والعراق وجزء من مصر، أو ما يعرف ببلاد ما بين النهرين (النيل والفرات) وهذه هي المنطقة التي يطمع بها غلاة يهود، وهو أمر معروف للقاصي والداني.
مركزية فلسطين في صراع الخير والشر على الأرض!!
ليست القضية صراع على أرض فقط، فالاحتلال الاسرائيلي، احتلال استعماري  استيطاني إحلالي تفريغي، قائم على عنصرية متجذرة في اليهود، ففي عقيدتهم هم شعب الله المختار، أي أنهم مخلوقات من روح الله المقدسة، أما بقية الناس على الكوكب فهم أقل درجة من الحيوانات، خلقهم الله من أرواح نجسة،  ولكن لهم أشكال بشرية (ليسو بشرا) حتى يليقوا بخدمة اليهود، وعليه فالعالم عندهم مقسوم إلى قسمين لا ثالث لهما، القسم الأول يهود، والقسم الثاني غير يهود (الأغيار) او ما يطلقون عليهم في العبرية غوييم، ومفردها غوي، وقد وردت في القرآن الكريم بلفظة (أمي، ومجموعة على  أميين) في قوله تعالى: "وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ".. (آل عمران : 75). أي ليس علينا أي ذنب فيما نفعل في غير اليهود، من سرقة وقتل وغير ذلك، فإذا جئت على رجل وقع في حفرة فاسأله، إن كان يهوديا فانقذه، وإن كان غير ذلك فأهل على رأسه التراب. ولا يقصد بالأغيار الفلسطينيين أو العرب أو المسلمين، ولكن كل ما هو غير يهودي فهو من الأغيار، وأن دم يهودي واحد لا يعادله ألف من هؤلاء الأغيار، هذا هو معنى "شعب الله المختار" ولذلك كله وغيره، نحن نقف في وجه قوة تعادي البشرية جمعاء، وتتحكم نتيجة لهذه التشريعات برقاب العباد من بني البشر في الغرب قبل الشرق، تتحكم في إعلامهم وبالتالي في ثقافتهم، تتحكم في اقتصادهم وبالتالي في سياستهم، فواشنطن وباريس ولندن هي عواصم محتلة مثلها مثل القدس الشريف، وعليه، فصراعنا مع هذه القوة التي تمثل الطاغوت على الأرض، هو صراع قوى الخير مقابل  قوى الشر، وتمثل اسرائيل الإدارة العامة لقوى الشر هذه على الأرض، والمقر الدائم للدولة العميقة التي تدير هذا الكوكب دون رحمة أو هوادة، فتسحق ملايين البشر لتبقي على سيطرتها.
وعليكم أن تدركوا الآن حجم المسؤولية التي أولاها لنا الله لنكون رأس الحربة في هذه المعركة الأبدية، وليس عبثا أن يكون شهيدنا بسبعين شهيدا، وليس غريبا عليهم أن " قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ، إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ" وليس غريبا أن جهادنا ورباطنا أفضل الرباط، وأن هذا العدو العالمي نحن من يتصدى له رغم كل هذه القوة والجبروت، فكل ما يصيبنا لن يضعف إرادتنا أو ينال من عزيمتنا، بل إن في ذلك تربية لنا وبناء رباني للأجيال الحالية والقادمة، حتى أننا نخرج من كل محنة أقوى بنيانا واشد عودا،  فلم يستطع  العدو خلال أكثر من قرن من الزمان، أن يحولنا إلى هنود حمر كما فعل في  الشعوب  الأصلية  في الأمريكتين وغيرها من الدنيا، ذلك أن الله يعلم من هو عدوه، ومن هم جنوده الذين أوكل لهم مهمة قتال أشد الناس عداوة للذين آمنوا بالله، هذا ..حتي يتبين لكم الحق، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ولم يكن النص القرآني في سورة الإسراء لينتقل  من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وليأتي مباشرة على ذكر فساد بني اسرائيل مرتين ودخول عباده في المرة الثانية والأخيرة إلى المسجد كما دخلوه أول مرة عبثا، وكأن الله أراد أن يخبرنا في ذلك الوقت الذي لم يكن فيه لليهود شأن يذكر، بل كانوا شرذمة لا قيمة لها أبدا، فكانوا في مكة والمدينة كذلك أذلاء وضيعين، حيث قال عليه السلام في حديث عن النظافة " فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ". أي في قذارتهم المعروفون بها،  إن هؤلاء القوم سيفسدون في هذا المسجد الذي أسري بالرسول الكريم إليه ومنه عرج إلى السماء، والفساد صفة ملتصقة بهم في فلسطين تحديدا وفي بقية البلاد عموما، أنظر الوصف الرباني لهم، وهي صفات لا تفارقهم أبدا }وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ{
فهم يقولون على الله الكذب " وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ " وهم يعيشون في حالة صراع دائم فيما بينهم " وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" حتى وإن غاب ذلك عن الكثيرين، "تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى"،  وهم مسؤولون عن الكثير من الحروب والفتن في الكرة الأرضية " كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ" وأخيرا هم وراء الفساد في الأرض، كل الأرض، من نشر للرذيلة وكل ما حرم الله، فهم تجار رقيق، وتجار جنس وقمار وربا وتجار حروب وأسلحة على مدى التاريخ وما زالوا. "وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" لكن بعض المطبعين من العربان يحبونهم!! هل تعلمون لماذا؟؟ لأنهم في الأصل منهم، أو منافقين لا يمتون للإسلام بصلة، ولكن السؤال: ما الذي يجبر هؤلاء للخروج إلى العلن والإفصاح عما يعتمر قلوبهم من حقد على الفلسطينيين والمجاهرة بحبهم لليهود؟ الجواب ببساطة في قوله تعالى "ويضل الله الظالمين" فيفضحون أنفسهم ليلعنهم الله والناس أجمعين.
فلسطين ليست قضيتك!!
كيف لمسلم أن يكون محب لمن قال الله فيهم صراحة "لتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا" لماذا؟ لأن أحد الفلسطينيين أخطأ في حقه أو حق غيره!!
"فلسطين ليست قضيتي" هكذا غرد من أضلهم الله من الاعراب، لكن امرأة من جزيرة العرب  أسمها  مَيْمُونَةَ، قالت قبل ألف وأربعمائة عام أن فلسطين قضيتها، فكان عندها شغف أن تتعلم عن فلسطين وتعرف عنها، بل سعت للمعرفة حتى أتت النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَتْيَا نَبِيَّ اللهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَأَرْضُ الْمَنْشَرِ، وَالْمَحْشَرِ، ائتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ، أَوْ يَأْتِيَهُ قَالَفَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ، فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيه. ورواه ابن ماجه والطبراني.
فلا تمنوا على بيت المقدس في شيء، ولا تقولوا قدمنا لفلسطين كذا وكذا،  هو أمر رسولنا العربي، فإن شئتم اتبعوه، وإن شئتم خالفوه،  فمن لم يستطع الوصول إليه  للصلاة  فيه بسبب الاحتلال الاسرائيلي أو لأي سبب آخر، فليهد إليه زيتا يسرج في قناديله.!! رضي الله عن ميمونة مولاة  رسول الله، وصلى الله على سيد الخلق الذي أحب فلسطين والشام عموما في قوله "اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا»، بل قال "طوبى للشام» قلنا: "لأي ذلك يا رسول الله؟" قال: «لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها" هي قضية الملائكة كفلها الله بالشام وأهلها.

نعم، قضية فلسطين هي قضية الحق ورسول الهدي الذي قال "لا تَزَالُ عِصابَةٌ مِن أُمَّتي يُقاتِلونَ علَى أبوابِ دِمَشْقَ ومَا حَوْلَهُ، وعلَى أبوابِ بيتِ المَقْدِسِ ومَا حَوْلَهُ، لا يَضُرُّهُم خِذْلانُ مَن خذَلهم، ظَاهِرِين علَى الحَقِّ إلى أنْ تَقُومَ السَّاعَةُ".[3]
لا يضرهم من عادهم من اليهود، فأعداؤهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا، هذا واضح ولا خلاف عليه، لكن رسول الله صلى الله عليه ويسلم يحذرنا من فريق آخر، فهذه الطائفة الصابرة تعتقد أن هناك لها أخوة في هذا الفريق سينصرونها إذا ما ألمت بها مصيبة كالاحتلال الإسرائيلي لمسرى النبي الكريم، "لا يضرهم من خذلهم" والخذلان كما تعلمون، لا يأتي من العدو، بل من الأخ  والشقيق وابن جلدتك ودينك الذي تتوسم فيه الخير وتعتقد أنه سيقف معك في المحن، فإذا هو يخذلك ويقول لك "فلسطين ليست قضيتي"
لكنه عليه أفضل السلام يطمئنكم ايها الفلسطينيون ، ستبقون صابرين وعلى الحق ظاهرين، ولعدوكم ومن خذلكم قاهرين، حتي يأتي أمر الله وأنتم كذلك ثابتين، في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، فطوبى لكم أجمعين.
#فلسطين_ليست_قضيتي


[1] باحث دكتوراه علم اجتماع/ جامعة بوترا ماليزيا
[2]]  أخرجه أحمد [17005]، وأبو داود [2483]، وصحّحه الألباني في صحيح الجامع الصغير [3659
[3] أخرجه أبو يعلى (6417)، والطبراني في الأوسط (47)، وابن عدي في الكامل 7/84


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارحب بردودكم